تلك الساحة العظيمة

>> الخميس، 3 يناير 2008



سلسلة مقالات الدعوة عبر الانترنت


2- تلك الســاحة العظيمـة

الحمد لله الخبير العليم الأكرم ، الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، الحمد لله الذي هو فوق كل ذي علم على ، وأصلي وأسلم على خير من وطأ الثرى ، وعلى الآل والصحبة الخيرة ، والتابعين وتابعيهم على الهدى.

تطورت الحياة وتطورت أساليبها وتقنياتها تطورا كبيرا على مرور الزمان ، وفي كل يوم يخرج علينا الباحثون باختراع جديد يُذهل العقل ، وفي كتاب الله آية عظيمة شاملة جامعة قال عنها العلماء يدخل تحتها كل مُخترَع جديد في الحياة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهي قوله تعالى ( وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) (النحل : 8 ). فسبحان من خلق الإنسان وعلمه وهيئ له أسباب ما ينفعه.

شبكة الانترنت هي تلك الشبكة التي اختصرت الزمان وتعدت حدود المكان وجمعت بين أمم من الناس مع اختلافهم في الأشكال والألوان والألُسن والأديان ، فيها من أبواب الخير ما لا يحصيها إلا العليم الديان ، إن اسُتغلت من أهل الفضل والإحسان ، فهي ولا شك من أعظم ساحات الدعوة وهي ساحة خصبة ما زالت تريد المزيد والمزيد من أصحاب الهمم الذين يرضون من الجبال بالقمم ولا يرضون بالوديان.
لنأخذ جولة في بعض العناصر التي تتميز بها الانترنت عن غيرها من الوسائل الدعوية ونرى كيف يمكن الاستفادة منها :-

عنصر المكان
تتميز الانترنت بكونها تتعدى كل خطوط الحدود بين البلدان ، فتصبح وكأنها لا مكان ، وفي ذلك فائدة عظيمة حيث يسهل على شباب الدعوة أولاً تحصيل العلم الشرعي وسؤال العلماء أي كان مكانهم ، ففي الماضي كان يسافر الرجل مسيرة الشهر والشهرين ليسأل عن حديث وكانوا يجوبون الأرض طلباً للعلم أما الآن فبفضل الله تيسرت الأمور وأصبحنا وكأننا لا نملك عذراً عند الله لتحصيل العلم (علماً بان طلب العلم على يد الشيخ أولى ولكن هذا من باب اتقوا الله ما استطعتم) ، وثانياً في نشر العلم والعمل الدعوي فمن داخل بيتك تستطيع إن شاء الله أن تُفيد أقواما في شتى أنحاء المعمورة ، وتأمل معي كيف تكون هذه الصفة والمزية فيها خيرا عظيم ، كم من أناس يعيشون في مجتمعات يغيب عنها أهل العلم الشرعي الصحيح وتنتشر فيها البدع وكم من الناس من يعيشون في أجواء الكفر لا يعرفون عن الإسلام شيئاً فكانت هذه الشبكة أداة تواصل جيدة أعانت الكثير بفضل من الله ، وأظن لو كانت هناك إحصائية لعدد الذين دخلوا الإسلام عن طريق الانترنت أو الذين اهتدوا وتابوا وأنابوا بسببه لرأيت أعداداً يعجز عن العقل عن إدراكها وهي ولله الحمد في كل يوم في زيادة.

عنصر الزمن
تخيل معي وسيلة دعوية نشاطها مستمر لأربعة وعشرين ساعة في اليوم ولكل يوم ، في دقائق قليلة تستطيع أن تنشر وتساهم في أي عمل دعوي وهذا العنصر أحرج الكثير من المتكاسلين عن العمل الدعوي على الانترنت بحجة عدم التفرغ فعن تجربة أستطيع أن أقول انه فقط في خلال خمسة عشرة دقيقة أو أقل تستطيع أن تنشر موضوع مفيد في أربع أو خمس منتديات مختلفة وتستطيع أن ترسل خمس رسائل دعوية في مجموعة بريدية وتستطيع أن تحادث شخص عن طريق برامج الدردشة وتعطيه روابط لدروس وموضوعات مفيدة وتستطيع القيام بأمور أخرى كثيرة فما أعظم قيمة الوقت إن اسُتغل بشكل جيد.

عنصر التكلفة
انخفضت تكلفة استخدام الانترنت عن سابق عهدها ومتوقع لها انخفاض أكبر في المستقبل القريب بل أنها ستكون مجانية تماما في بعض البلدان في غضون سنوات قليلة ، وهذه التكلفة المنخفضة للخدمة تيسر على كل راغب في مجال الدعوة الإلكترونية أن يخوض غمارها فليست الشبكة مقتصرة على الأغنياء فقط ، وهي أوفر كثيراً من تكلفة نشر كُتيب دعوي مثلاً كما أنه بالمقارنة بين ما تتكلفه مادياً لقضاء ساعة على هذه الشبكة في جهد دعوي وبين الأجر المحتسب عند الله فلن نجد أي وجه للمقارنة.

عنصر الإقبال
تتميز شبكة الانترنت بإقبال كبير من المستخدمين على مستوى العالم والأعداد كل يوم في زيادة ، وهذا العنصر يعطي مسئولية أكبر على كاهل شباب وشيوخ الدعوة على الانترنت لتكثيف مجهوداتهم لملاحقة هذه النسب المتسارعة ، ومن المعروف أنه كلما زاد الإقبال زادت النسب المرجوة من الأشخاص المستهدفين من الدعوة.

عنصر المرونة
في الماضي كان الناس لا يستفيدون من الداعية إلا أثناء وجوده معهم ، ثم ظهرت أشرطة الكاسيت وكانت نقلة كبيرة في مجال الدعوة ثم جاءت الانترنت لتعطي مرونة أكبر للداعية فقد يقوم بالعمل الدعوي وينشره ولا يتواجد لساعات طويلة أو حتى أيام على الشبكة وبالرغم من ذلك عمله يلاقي الإقبال وينتفع منه الناس ، وهناك العديد من أشكال المرونة التي توفرها الشبكة للداعية ومن ذلك مثلاً قد يُسئل سؤال في أحد المنتديات وهو غير مستحضر للإجابة في لحظتها أو يريد التأكد من صحة حديث مثلا أو مراجعة الأدلة قبل الرد ، كل ذلك يستطيع فعله بسبب هذه المرونة وهذه النقطة بالتحديد أنصح بها الشباب عامة أن يفكر ألف مرة ويراجع نفسه قبل أي مشاركة لأن الكلمة مسئولية.

عنصر التفاعلية
تعطي الانترنت من خلال المنتديات والبرامج الحوارية نوع من أنواع التفاعلية للداعية ، فهو لا يقدم العمل الدعوي وينتهي الأمر عند ذلك وإنما لابد له من متابعة ليعلم تفاعل المتلقين للعمل ومدى تقبلهم له ورأيهم واقتراحاتهم وتوجيهاتهم وأوجه الخلل فيه إن كان فيه خلل وأيضاً يستطيع أن يستشف من تفاعل المتلقين لمدى احتياجاتهم فيرتب أولوياته الدعوية تبعاً لذلك.

عنصر التنوع
تتميز الانترنت عن غيرها من وسائل الإعلام بكونها متنوعة في كل ما تقدمه من معلومات فمنها المقروء ومنها المسموع ومنها المرئي كما أن منها الحواري ، وهذا التنوع يعطي شباب الدعوة فرص دعوية أكثر ولنضرب أمثلة من خلال بعض الخدمات التي تقدمها الشبكة:-
1- المواقع : تستطيع إن كنت تمتلك الإمكانية إنشاء موقع إسلامي دعوي يُعرض من خلاله محاضرات ودروس لأهل العلم ومقالات وكتب ورسائل تربوية ، وإن كنت لا تستطيع إنشاء موقع فأيضاً بالإمكان الاستفادة والإفادة من خلال المشاركة في مواقع موجودة بالفعل ، حيث توجد العديد والعديد من المواقع الدعوية التي تعطي الفرصة للقراء للمشاركة في الموقع بالمقالات والأفكار والتوجيهات أو أن تقوم بالدعاية لها.
2- المنتديات : كتابة موضوع مفيد وعظي أو إرشادي أو تعليمي بأسلوب جيد ثم نشره في المنتديات أمر عظيم النفع ، كما انه يمكنك نقل المواضيع المفيدة التي تجدها أثناء تجوالك في الانترنت إلى المنتديات المشترك بها ، كما أن بعض المنتديات تساعدك على النواحي الدعوية من خلال ما تقوم به مثلاً من مسابقات إسلامية أو أي نشاط تجميعي لبعض الأعضاء لعمل مشروع دعوي حي على أرض الواقع.
3- المجموعات البريدية أو البريد الإلكتروني : يمكنك ببساطة ودون أية تكاليف إنشاء مجموعة بريدية دعوية أو المشاركة في مجموعة قائمة ، وبإرسالك أي رسالة أو مقالة دعوية تصل لجميع أعضاء المجموعة ، حتى وإن قل عددهم ، وفي ذلك فائدة كبرى حيث أن بعض مستخدمي الانترنت يحرص أول ما يبدأ به يومه على الشبكة مراجعة بريده الإلكتروني وقد تكون الرسالة الدعوية التي وصلته يقرأها لأول مرة ويتعلم ويستفيد منها أمور عظيمة.
4- غرف البال توك : استطاع شباب الدعوة تحويل غرف البال توك من مجرد غرف للدردشة والتسلية إلى ساحة هامة للدعوة ، وهناك الكثير من الشيوخ في مختلف أنحاء العالم لديهم دروس منتظمة في هذه الغرف ، لذا فإن المشاركة في هذه الغرف النافعة وإفادة الآخرين بالمعلومات والدروس والإعلان عنها كل ذلك أمر عظيم النفع.
5- برامج الدردشة : المؤمن أينما وقع نفع وانتفع وحيثما حل أمر بالخير وعليه دل ، ففي الوقت الذي يستخدم الملايين برامج الدردشة كوسيلة لقتل الوقت والتسلية تستطيع بناء صداقات وأخوة في الله ، وتشاركهم الخير وكم من الأخوان نشأت بينهم أواصر شديدة من المحبة في الله عن طريق هذه البرامج ولم يرى أحداً منهم الآخر ولم يجمعهم إلا الله ، يجتمعون عليه ويتفرقون عليه.
كانت هذه بعض العناصر التي تميز الانترنت عن غيرها من الوسائل الدعوية أو الإعلامية وبالطبع توجد عناصر أخرى كثيرة لم نتطرق لها ولكن حاولنا رسم صورة لتميز هذه الشبكة ولنقول أنها بالفعل ساحة عظيمة من ساحات الدعوة.

هذا والله أعلى وأعلم

0 التعليقات:

حقوق النشر غير محفوظة والنقل مباح لكل مسلم


  © Blogger templates Sunset by Ourblogtemplates.com 2008

Back to TOP