الدُرر والتُحف من أقوال السلف

>> السبت، 31 مايو 2008





(( الدُرر والتُحف من أقوال السلف ))



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الكرام المطهرين والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين ... أما بعد


إن من أعظم خصائص النبي الأمين قوله صلى الله عليه وسلم ( أوتيت جوامع الكلم ) وهي واحد من الخمس التي تفرد بها النبي صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء فما هي إلا كلمات قليلة ينطق بها الفم الطاهر فتخرج منها الأحكام والفوائد وتبنى عليها الفتاوى وتؤلف في شرحها المجلدات والله أكبر ولله الحمد ، ولما كان العلماء هم ورثة الأنبياء وكان ميراثهم العلم لذا تجد أن الربانيين منهم الراسخين أجرى الله الحق على ألسنتهم وساروا على نفس المنوال ، يتكلم الواحد منهم بالكلمات القلائل فيها من الحكم والعظات والفائدة ما الله به عليم.
أخوتي وأحبتي في الله بين أيديكم بعض من درر الكلام لعلماء السلف الكرام فيها الحِكم والأحكام لطلاب العلم والعوام ، تدبروها جيداً وافتحوا لها القلوب والأفهام.


- إذا ذاق القلب طعم عبادة الله والإخلاص له لم يكن عنده شيء قط أحلى من ذلك ، ولا ألذ ولا أطيب. " بن تيميه "
- جمع العلماء على أن قوله تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) قد جمعت الطب كله . " الإمام القرطبي "
- من وجد في نفسه قوة على الفهم والتحرير فتشاغله بذلك أولى من تشاغله في أمور العبادات النافلة ومن وجد في نفسه قصوراً عن الفهم العميق وحمل العلم وتعليمه فإقباله على العبادة أولى وكل شخص أدرى بنفسه. " بن حجر "
- إذا أنت أسديت إلى إنسان جميلاً فحاذر أن تذكره ، وإذا أسدى إليك إنسان جميلاً فحاذر أن تنساه. " بن المقفع "
- المؤمن الحازم يثبت للعظائم ولا يتغير فؤاده ولا ينطق بالشكوى لسانه ، وكتمان المصائب والأوجاع من شيم النبلاء ، وما هلك الهالكون إلا من نفاد الجلد. " بن القيم "
- قال مكحول الشامي : أربع من كن فيه كن له : الشكر والإيمان والدعاء والاستغفار ... وثلاث من كن فيه كن عليه : المكر والبغي والنكث.
- قال عمر بن عبدالعزيز : (القلوب أوعية السرائر ، والشفاه أقفالها والأسئلة مفاتيحها فليحفظ كل امرئ مفتاح سره).
- قال الشافعي : من تعلم القرءان عظمت قيمته ، ومن تعلم الفقه نبل مقداره ، ومن تعلم الحديث قويت حجته ، ومن تعلم الحساب جزل رأيه ، ومن تعلم اللغة رق طبعه ، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.
- قال لقمان الحكيم : ثلاث من كن فيه فقد أستكمل الإيمان: من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.
- قال بن عباس: ما من مؤمن ولا فاجر إلا وقد كتب الله تعالى رزقه من الحلال ، فإن صبر حتى يأتيه أتاه الله ، وإن جزع فتناول شيئاً من الحرام نقصه الله من رزقه الحلال.
- قال الحسن البصري : أربع من كن فيه فقد عصمه الله من الشيطان وحرم عليه النار ، من يملك نفسه عند الرغبة والرهبة والشهوة والغضب.
- سنة الله في أهل الباطل أنهم يعادون الحق وأهله وينسبونهم إلى معاداته ومحاربته. " بن القيم "
- قال بن مسعود : من جاءك بالحق فاقبل منه وإن كان بعيداً بغيضاً ، ومن جاءك بالباطل فاردده عليه وإن كان حبيباً قريباً.
- الإسناد سلاح المؤمن ، فإن لم يكن له سلاح فبأي شيء يقاتل. " سفيان الثوري "
- من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال. " بن رجب "
- طلب العلم شديد ، وحفظه أشد من طلبه ، والعمل به أشد من حفظه. " الإمام الذهبي "
- تقديم العقل على النقل قدحاً في العقل. " بن أبي العز "
- قال عمر بن عبدالعزيز : لا تكن ممن يتبع الحق إذا وافق هواه ، ويخالفه إذا خالف هواه ، فإذا أنت لا تثاب على ما وافقته من الحق ، وتعاقب على ما تركته منه.
- أعمل لله فأنه أنفع لك من العمل لنفسك. " الصوري "
- لا تكن ولياً لله في العلانية وعدوه في السر. " بلال بن سعد "
- قال وهيب بن الورد : إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فأفعل.
- قال ابن الجوزي : ( تاملتُ وقوع المعاصي من العصاة ، فوجدتهم لا يقصدون العصيان وإنما يقصدون موافقة هواهم ، فوقع العصيان تبعا . فنظرت في سبب ذلك الإقدام مع العلم بوقوع المخالفة ؛ فإذا به ملاحظتهم لكرم الخالق ، وفضله الزاخر . ولو أنهم تأملوا عظمته وهيبته ، ما انبسطت كفٌ بمخالفته ).
- قال الشافعي : " وددت أن الناس تعلموا هذا العلم على ألا ينسب إليَّ منهُ شيء "
- قال عمر بن الخطاب: ( إن قوماً أصلح الله قلوبهم. أحيوا الحق بذكره، وأماتوا الباطل بتركه(
- ( والبدعة مقرونة بالفرقة كما أن السنة مقرونة بالجماعة ، فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة ) " بن تيميه "
- كان محمد بن يوسف يقول ( وأين مثل الأخ الصالح ؟ أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون مما خلفت وهو منفرد بحزنك ، مهتم مما قدمت وما صرت إليه ، يدعو لك في ظلمات الليل وأنت تحت أطباق الثرى )
- قال الحسن رضي الله عنه ( ما ضربت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا نهضت من مقامي حتى أنظر أعلى طاعة أم على معصية ؟ فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت )
- قالت أم سفيان الثوري لسفيان : يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فأنظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك ؟ فإن لم ترى ذلك فأعلم أنها تضرك ولا تنفعك.
- قال داوود الطائي : ( ما أخرج الله عبدا من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه بلا مال وأعزه بلا عشيرة وآنسه بلا بشر )
- سئل الشافعي رحمه الله كيف طلبك للعلم ؟ قال " طلب الأم المضلة ولدها لا تملك غيره ".


وللموضوع بقية بإذن الله...

Read more...

فوائد من كتاب تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد .

>> الخميس، 15 مايو 2008





o مراتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء :المرتبة الأولى : في فاتحة الدعاء ووسطه وخاتمته . المرتبة الثانية : في أوله وآخره.المرتبة الثالثة :في أوله.


o من آداب الدعاء : أن يختتم الداعي دعاءه باسم من أسماء الله الحسنى يناسب مطلوبه ، وهو دأب الأنبياء عليهم السلام في دعائهم ، كما في آيات القرآن الكريم ، وفي أدعية النبي صلى الله عليه وسلم وهي في السنة كثيرة .


o رافعا الداعي يديه قبالة وجهه ، ضاما إحداهما للأخرى .


o وإن شاء مسح بهما وجهه إذا فرغ من الدعاء في حال كونه خارج الصلاة ، لا داخلها ، لعدم الدليل الصحيح – بل ولا الضعيف – الذي يدل على المسح بعد رفعهما للقنوت في الصلاة .


o اجتنب أسباب الدعاء عليك من مظلوم وإن كان كافرا ،أو فاجرا ففجوره على نفسه ،فإن دعوة المظلوم مستجابة ، وهي تصعد إلى السماء كأنها شرارة .


o لا يجوز للداعي أن يستقبل حال الدعاء قبرا ولا وليا ولا جهة ما حتى عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام عليه وعلى صاحبيه .


o ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أعجز الناس من عجز عن الدعاء ، وأبخلهم من بخل بالسلام.


o اشتدت كلمة علماء الأندلس في النكير على : التمايل ، والاهتزاز ، والتحرك ، عند قراءة القرآن ، وأنها بدعة يهود ، تسربت إلى المشارقة من المصريين ، ولم يكن شئ من ذلك ماثورا عن صالح سلف الأمة . …قال الزمخشري في الكشاف : …. وقد سرت هذه النزعة إلى أولاد المسلمين ، فيما رأيت بديار مصر ، تراهم في المكتب إذا قرؤوا القرآن يهتزون ويحركون رؤوسهم ، وأما في بلادنا بالأندلس والغرب ، فلو تحرك صغير عند قراءة القرآن ؛ أدبه مؤدب المكتب وقال له : لا تتحرك فتشبه اليهود في الدراسة ".


o رفع اليدين من آداب الدعاء ومستحباته بالإجماع إلا في حالة واحدة في خطبة الجمعة ما لم يستسق


o رفع الداعي بصره إلى السماء وهو خارج الصلاة فيه خلاف على قولين : الكراهة ، ونسب لشريح وغيره . الجواز ، وبه قال الأكثرون وهو الذي عليه المحققون . ذلك أن رفع الداعي بصره إلى السماء حال الدعاء وهو خارج الصلاة ليس لأنها قبلة الدعاء ، بل لما يجده من نفسه من تعلق قلبه بربه وإلهه ومعبوده في علوه سبحانه وقد رفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره في أحوال .


o هل يشرع للداعي أن يؤمن على دعاء نفسه ؟ الظاهر – والله أعلم – نعم ؛ لأن التأمين هو في الحقيقة دعاء معناه : اللهم استجب ، فهو بمثابة دعاء مجمل بعد الدعاء المفصل ، ولما ثبت من مشروعية التأمين بعد الفاتحة لقارئ وسامع داخل الصلاة وخارجها ؛ إذ الفاتحة دعاء فأمن عليه .


o من المحدثات : وضع اليدين على الأذنين أو إحداهما على إحدى الأذنين عند القراءة .


o بين الله سبحانه في القرآن الكريم طرفي النهار محل أذكار الصباح والمساء في آيات منها : " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " فمحل ورد الصباح في الإبكار وهو الغدو بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس ، ومحل ورد المساء في العشي وهو الآصال بعد صلاة العصر قبل الغروب . والأمر فيهما واسع كمن عرض له شغل ، والحمد لله .


o من المحدثات : التزام افتتاح خطبة الجمعة بخطبة الحاجة …..ولهذا فإن ما تشاهده وتسمعه في عصرنا من التزام بعض الكتاب بافتتاح رسائلهم بها وخطبهم بها كل هذا التزام لا أعرفه في الحياة العملية في هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم ولا من بعدهم من التابعين لهم بإحسان …


o الذكر الجماعي بعد الصلاة بدعة قديمة أشار إليها الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في تاريخه 10/270 في حوادث سنة 216 ….


o يجتنب جلب أدعية مخترعة لا أصل لها فيها إغراب في صيغتها وسجعها وتكلفها حتى إن الإمام ليتكلف حفظها ويتصيدها تصيدا


* يدعو بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق ..


o الاستخارة تكون لمن هم في أمر غير محرم ولا مكروه ، سواء كان الامر عظيما أو دون ذلك وسواء كان مترددا به أو غير متردد به


o لا يكرر دعاء الاستخارة لعدم الدليل !!

Read more...

آيـــــات وخـــواطر

>> الأربعاء، 7 مايو 2008



آيــــــــات وخــــــــواطر

" وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) " - القصص -

1 :- (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) وفيه دليل على أهمية عمل الرجل وتحصيل رزقه بنفسه له ولأهله ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم " إن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ".

2 :- ( وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ) وفيه دليل على ضرورة مساعدة الضعيف وتقديم يد العون له ونصرته فأن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام وبالرغم من طول سفره وعلى ما به من تعب وعطش إلا أنه قدم مساعدة المرأتين على نفسه لما رأى ما بهما من ضعف .

3 :- ( قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء ) وفيه دليل على عدم جواز الاختلاط وعلى ضرورة حرص المرأة إذا اضطرت للخروج من بيتها ألا تختلط بالرجال وتزاحمهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الرجال بالمكوث في المسجد حتى تخرج النساء ، كما كان يأمر النساء أن يمشين على حواف الطرق وليس في وسطها وكل ذلك لكي لا يحدث تزاحم واختلاط بين الرجال والنساء ومن المعلوم قدر الشرور التي تنتج من الاختلاط.

4 :- ( وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ) وفيه دليل على جواز خروج المرأة للعمل في حالة عدم وجود عائل أو عدم استطاعة العائل عن العمل لمرض أو نحوه على أن تأتي المرأة بالضوابط الشرعية والشروط التي اشترطها علمائنا لخروج المرأة للعمل.

5 :- ( فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) دعاء مستحب لكل مسلم عامة ولمن يبتغي النكاح خاصة وذلك لما فيه من إظهار الفقر لله سبحانه وتعالى الغني الحميد وسماه العلماء دعاء النكاح وذلك لأن الله سرعان ما استجاب لنبيه موسى بـ( فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا ) والفاء هنا للترتيب فهذه الاستجابة ترتبت على الدعاء كما تفيد السرعة .

6 :- (فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا ) وفيه دليل على عدم خروج المرأة من بيتها إلا لحاجة أي عند الضرورة ، فلما خرجتا للسُقيا استلزم الأمر خروج المرأتان معاً ومعهما العذر في ذلك (وأبونا شيخ كبير) ، ولكن لما كان الخروج لدعوة نبي الله موسى للقاء الأب فلا يستلزم ذلك خروج إلا واحدة منهما فقط.

7 :- ( تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء ) تعبير قرأني بليغ وصف شدة حياءها أحسن الوصف ، فكأنما الحياء ماءا يتقطر منها حتى ملئ الأرض من حولها فهي تمشي عليه ، وفيه إرشاد للمرأة المسلمة عند خروجها من بيتها ومشيها في الطرقات أن يكون حياءها طريقها.

8 :- ( قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ) وفيه أن المرأة إذا تكلمت مع رجل أجنبي عنها فيجب عليها أن يكون الكلام قدر الحاجة من غير زيادة ومن غير خضوع في الكلام أو في الصوت،" فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ" وتجد من عفة ابنة الرجل الصالح أنها بدأت كلامها بكلمة أبي لتنفي أي شبهة أو ريب أنها هي التي تدعو كما أنها بينت سبب الدعوة.

9 :- ( إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ ) وفيه ضرورة الحرص على جزاء من أحسن إلينا ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صنع إليكم معروفاً فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئوه به فادعوا له حتى تروا أنكم كافئتموه ".

10 :- ( فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ ) وفيه دليل على اختصار الرجل في الحديث عند الكلام مع الأجنبية والإسهاب مع الرجال ، فلما كلم موسى عليه الصلاة والسلام المرأتين قال ( ما خطبكما ) كلام مختصر جداً ، عكس ما فعله عند أبيهما الذي قص عليه القصص.

11 :- ( قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) وفيه دليل على نصرة من أوذي في الله ومساعدته وتمكينه والشد من أزره ليتكمن من مواصلة طريقه لخدمة ونصرة دين الله الحق.

12 :- ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ) وفيه بيان على حرص المرأة أن تكون في بيتها وأن يقوم بالعمل من هو أهلا له ، وهذه طبيعة المرأة (وقرنّ في بيوتكنّ) " وبيوتهنّ خير لهنّ " ، فكانت المرأة الصالحة تمشي تبعاً لفطرتها السليمة في رغبتها لعدم الخروج ومزاحمة الرجل على العكس مما نراه الآن من حرص كثير من النساء على الخروج من غير حاجة والله المستعان.

13 :- ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ) وكأنها تعلم أن نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام إذا عمل عندهم فليس له أجر إلا أن يتزوج إحداهما ، فكأنها تلمح برغبتها في أن يتزوجها لما رأت من أمانته وقوته ، ومعلوم أن أم المؤمنين وسيدة نساء العالمين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها قد أفصحت برغبتها لأحدى النساء أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ ذلك الرسول فقبل وتم الزواج ، وعليه فإذا رأت المرأة الصلاح من رجل في دينه وخلقه فلها أن تلمح برغبتها في الزواج منه لأهلها على ألا يكون ذلك مدعاة لغير الطرق الشرعية قال تعالى َ(ولاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ).

14:- ( إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ) وفيه إرشاد لرب العمل عند اختياره لعامل أن يكون قويا في مجاله وأمين في أحواله وبهاتين الصفتين يتم صلاح العمل ويفسد بانتفاء وجودهما ، ومعلوم أن القوى أنواع أهمها قوة الإيمان والإسلام ، قيل أن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أتخذ كاتباً له نصرانيا فعلم عمر بن الخطاب بذلك فسئله لما ؟ فقال عبدالرحمن بن عوف : لي عمله وعليه دينه ، قال بن الخطاب : أما أنا فوالله لا أعزهم والله أزلهم ولا أدنيهم والله أبعدهم.

15 :- ( قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ... قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ ) وفيه بيان احترام الإسلام لرأي المرأة ، فمن حقها الإدلاء بالرأي وإن كان سديداً يُعمل به.

16 :- ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ ) وفيه جواز أن يعرض الرجل ابنته أو من هي تحت ولايته لمن يراه صالحاً في الدين والخلق ، بل إن ذلك من السنة كما جاء عند البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه فلم يجبه ثم عرضها على أبي بكر الصديق فلم يجبه حتى خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

17 :- ( إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ ) وفيه دليل على جواز تزويج الابنة الصغرى قبل الكبرى ، فلم يثبت من الشرع شيئاً عن ضرورة زواج الكبرى قبل الصغرى كما يفعله بعض الناس في كثير من البلاد بداعي العادات بل الأولى أن التي يأتيها رزقها لا يضّيق عليها بحجة أن الكبرى لم تتزوج بعد.

18 :- ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ ) وفيه بيان لصيغة العقد وضرورة أن يتفق الطرفان قبل أن يباشروا العمل على أن يوضح العقد ما يجب على كل طرف أن يقدمه وما يستحقه في المقابل وبيان المدة التي يسري فيها هذا العقد ، قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود "وقال " ِإذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ".

19 :- ( فَمِنْ عِندِكَ ) من تأدب الرجل الصالح الذي قيل أنه نبي الله شعيب في تعبيره مع موسى عليه الصلاة والسلام أنه أراد أن يبين لموسى أن لو أتم العشر حجج فهو يتفضل عليه ، أي أن العامل يتفضل على رب العمل وليس العكس وفيه بيان للعلاقة بين رب العمل والعامل وأنها ليست علاقة سيد بعبده وإنما قد تكون متكافئة فكل منهما يتسفيد من الآخر ولكلاً حقوق وواجبات.

20 :- ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ) وفيه بيان لكيفية معاملة العامل بألا تكلفه ما لا يستطيعه وأن ترفق به وترحم ضعفه وحاجته "وهل ترزقون إلا بضعفائكم " وقال أنس بن مالك رضي الله عنه خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين لم يقل لي فيها لما فعلت ذلك أو لما لم تفعل ذلك .

21 :- (سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ) إذا كان رب العمل من الصالحين أعان عامله على فعل الخيرات وترك المنكرات ويسر له إقامة العبادات ، فلا تكون العلاقة دنيوية بحتة وإنما لابد من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر .

22 :- ( قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ ) وفيه ألا يأخذ أي طرف من أطراف التعاقد على نفسه وعداً هو لا يدري إن كان سيوفي به أو لا خاصة وان كان غير ملزم به فهو لا يدري ما سيحدث في غده ، وفيه أيضاً ضرورة وجود المرونة بين المتعاقدين وأن يتم بينهما تعديل في الاتفاق إذا كانت هناك حاجة لذلك.

23 :- (وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ) ما أجمل أن تختم العقود بهذه العبارة ، فإن الله شهيداً على اتفاقهما يسمع ويرى ولكنهما أرادا أن يوكلا الله في هذا الأمر كله فهو وكيل كل شىء ، وذلك مثل قول يعقوب عليه السلام إذ قال لأبنائه لما أرادوا أخذ أخو يوسف الأصغر (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (يوسف : 66 ).

هذا والله أعلم،

Read more...

حقوق النشر غير محفوظة والنقل مباح لكل مسلم


  © Blogger templates Sunset by Ourblogtemplates.com 2008

Back to TOP